مقدمة
نتيجةً للتطورات المتسارعة والتحديات الكبيرة التي يشهدها التعليم في المملكة العربية السعودية، والمنافسة الشديدة بين المؤسسات التعليمية على المستويات المحلي والإقليمي والدولي، سارعت جامعة تبوك منذ نشأتها إلى تقديم خدمات تعليمية وبحثية عالية الجودة تتلاءم مع حاجات سوق العمل، وتُسهم في تحقيق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، والمشاركة الفاعلة في جهود التنمية، وبناء اقتصادٍ قائمٍ على المعرفة. تنتهج جامعة تبوك في أنشطتها البحثية استراتيجيات وسياسات وإجراءات تهدف إلى الارتقاء بجودة البحث العلمي وتميّزه، مع التأكيد على الالتزام بالمسؤولية الأخلاقية في إنتاج المعرفة، واكتسابها، وحفظها، ونقلها، وتنميتها، وتطبيقها. تستند وثيقة "القواعد المنظمة لأخلاقيات البحث العلمي" إلى رؤية جامعة تبوك ضمن خطتها الاستراتيجية "جامعة متميزة تعليمياً وبحثياً ومساهمة في خدمة المجتمع"، والتي تستدعي وجود مثل هذه الوثيقة المهمة. وقد جاءت الوثيقة نتيجة دراسة مرجعية لأدبيات الضوابط والمعايير وأفضل الممارسات العالمية المعتمدة في الجامعات العريقة فيما يخص أخلاقيات البحث العلمي ومبادئه الأساسية وسبل ضمان تطبيقها. وتجدر الإشارة إلى أن جميع القواعد المدرجة في هذه الوثيقة تتوافق مع المبادئ والقيم التي يدعو إليها الدين الإسلامي الحنيف. إن الهدف الأسمى من وجود مثل هذه الوثيقة – وغيرها من وثائق ضوابط أخلاقيات البحث العلمي في الجامعات والمؤسسات البحثية – هو الوقاية من أي تجاوزات أخلاقية في السلوك البحثي في المقام الأول، وليس الاقتصار على كونها قائمة بالجزاءات والعقوبات الواجب تطبيقها على المخالفين. ومن ثم، فإن الغاية النهائية تتمثل في حماية منظومة البحث العلمي من أي شائبة سلوكية قد تسيء إلى السمعة الأكاديمية للجامعة، وهي إساءة قد يصعب تجاوزها أو التعافي منها على المدى القصير. ومن هنا، تأتي أهمية وثيقة "القواعد المنظمة لأخلاقيات البحث العلمي" في نشر الوعي بين جميع العاملين في مجال البحث العلمي بشأن هذه القواعد، إذ إن العديد من المخالفات في السلوك البحثي تنتج في كثير من الأحيان عن نقص الوعي أو قلّته، أو عدم الإلمام الكافي بأخلاقيات البحث العلمي ومفاهيمها من قِبل بعض الباحثين، أو الطلاب، أو الإداريين المتعاملين معهم، أو حتى من بعض الجهات المموِّلة للمشاريع البحثية. وتشير أدبيات أخلاقيات البحث العلمي بوضوح إلى أن السلوكيات البحثية المنضبطة أخلاقيًا تعود في المقام الأول إلى دوافع الخير الذاتية، والوازع الداخلي، والالتزام بالقيم الإنسانية النبيلة مثل: الأمانة، والصدق، والنزاهة، وغيرها، وليس فقط إلى وجود أنظمة ولوائح محددة وملزمة. ولهذا، تُعوّل الجامعات والمؤسسات البحثية الرائدة عالميًا على الالتزام الذاتي من قِبل جميع القائمين والعاملين في البحث العلمي. ومن ناحية أخرى، تُبرز الأدبيات صعوبة اكتشاف بعض المخالفات السلوكية في عمليات البحث العلمي من خارج المجموعة البحثية أو الجهة البحثية ذاتها، لا سيما في ما يتعلق بالإنتاج العلمي غير الخاضع لعمليات التقييم والمراجعة الدقيقة، كما هو الحال في بعض البحوث المعدة لأغراض غير أكاديمية مباشرة مثل الترقية. ولذلك، تحثّ الجامعات العريقة منسوبيها على الإبلاغ الفوري عن أي تجاوزات أخلاقية قد يتم رصدها داخل المجموعة البحثية أو من أحد أعضائها. وأخيرًا، لا بد من التأكيد على أن الحفاظ على نزاهة البحث العلمي وسموّه في إنتاج المعرفة، وخدمة الإنسان، وبناء مجتمع معرفي، لا يتحقق إلا إذا التزم جميع منسوبي منظومة البحث العلمي – من باحثين، وطلاب، وفنيين، وأعضاء الهيئة الإدارية – بأن أعمالهم تخضع للتقييم والرقابة بأسلوب عادل وشفاف، وبأنهم لن يتعرضوا لأي ضرر نتيجة التزامهم بالأمانة العلمية. وقد جاءت وثيقة "القواعد المنظمة لأخلاقيات البحث العلمي" للإسهام في رُقيّ البحث العلمي في الجامعة، وضمان توافقه مع المعايير العالمية وأفضل الممارسات الأخلاقية المتبعة دوليًا، حيث تُقدّم هذه الوثيقة إطارًا عامًا من القواعد والسلوكيات والإجراءات المتوقع الالتزام بها من قِبل كل من يعمل أو يتعاون مع الجامعة في مجال البحث العلمي.